حوار مع شاعرة فلسطين أيقونة الأقصى وزهرة المدائن
يسرى حسين الرفاعي/ حاورتها الكاتبة / سعاد السهلي
شاعرة وكاتبة وفنانة تشكيلية تبحر في محيط الأدب والفنون بريشتها وألوانها وقلمها الذي تكالبت عليه قسوة الحياة ولم تكسره فما زالت تحلق في سماء الأدب كالطيور بحرية .. حتى حفرت إسمها بين النجوم كمن يحفر في الصخر الصلد، وتميزت كالثريا في كبد السماء ..
ولدت الشاعرة الفلسطينية في قرية بيت دقو/ القدس ،
وقبل نزوحها حاملة معها طفولتها وبراءتها تعلمت عشق الأرض والثرى والتحليق في سماء بلدتها ونهلت من ينابيعها النخوة والشهامة والأصالة ولم تغيرها الغربة ولم تؤثر في عشقها لوطنها بل زادتها حبا وتعلقا بأرضها ووطنها فلسطين .. متزوجة ولديها ثلاثة من الأبناء وبنتا وخمسة من الأحفاد .
إنها الشاعرة والأديبة والتشكيلية يسرى حسين الرفاعي المعروفة أدبيا بسوسنة بنت المهجر،والتي جمعت في أعمالها بين الأسلوب النثري والشعري الفلسفي.. غزيرة الإنتاج فواحة حروفها بعبير الورود كالجوري والياسمين عند الفجر . نالت كتاباتها وخواطرها استحسان وأعجاب الكثير من المتابعين والقراء على شبكات التواصل الكثيرة والمتعددة ..
كما نالت خلال مسيرتها الأدبية الكثير من الجوائز وشهادات الدكتوراة الفخرية وشهادات التقدير الفخرية العليا رفيعة المستوى نظير ما تقدمه من أعمال أدبية وتشكيلية تحاكي الواقع فأثرت الساحة الأدبية و الثقافية بكل ما تحمل من معنى كما أصدرت العديد من الدواوين الأدبية الورقية وهناك بعض الدواوين تحت الطبع ستظهر للنور قريبا ..
أضع بين يدك مجموعة من الأسئلة أرجو التفضل بالإجابة عليها ولك فائق الشكر
والتقدير ..
السؤال 1
ما الأثر الذي تركته شبكات التواصل العنكبوتية والفيس بوكية والفضائيات العربية الكثيرة، على الأدب العربي بشكل عام ، ؟
وهل نجحت بما أخفقت فيه الكتب الورقية؟
ج/ دون أدنى شك أنه لشبكات التواصل بكل أشكاله وأنواع ومنصاته الفيسبوكية الأثر الكبير بعدة مستويات منها على سبيل المثال لا الحصر عزز نسبة التواصل والوصول بين الأدباء والمفكرين والتمازج الفكري بينهم فوصل بين جميع الأقطار العربية والعالم الخارجي فبات الأدب والفكر مكشوفا علنا تطاله ويشاهده الجميع دون حجب وستائر كالإصدارات الورقية .
فعزز من سهولة التواصل الإجتماعي والفكري والأدبي بين الأدباء ودور النشر والطباعة والإصدارات الأدبية زادت بكثرة واضحة للعيان .فبات كل من هب ودب ينشر ويقول أنه شاعر وأديب. ولكن وللأسف الشديد هذا الأنتشار السريع للفكر والأدب له سلبيات كثيرة رافقت التأثيرات في عالمنا العربي منها زيادة نسبة السرقات الأدبية وظهور الدخلاء على عالم الفكر والأدب وسهولة النشر لهم وتوثيق أعمالهم دون المراقبة الشديدة على ما ينشره الكتاب والأدباءوالشعراء في بعض المنتديات والمجلات، فمن الغرائب العجيبة التي حصلت معيخلال مسيرتي الأدبيةعلى شبكات التواصل أنني وثقت في إحدى الصحف إحدى قصائدي وبعد إسبوع فقط من نشري لها أكتشفت أنها وثقت لكاتبة وشاعر أخر بعد تاريخ نشري لها فكيف يا إدارة المجلة لا تنتبهي ولا تراقبي ولا تتأكدي توثقي للكاتب الأصلي والسارق في نفس المجلة .!!
ومن سلبيات شبكات التواصل الأجتماعي أنه معظم الأدباء والكتاب ينتسبون له وينشرون بأسماء وهمية فأحيانا كثيرة تفقد كل ما نشرته في مجلاتهم لآنه ذا فكر متقلب ومزاجي وشطب منتداه أو مجلته وهنا تكون خسرت كل جهدك وكتاباتك ذهبت أدراج الريح وربما تقرصن الكثير منها وباتت بأسماء أخرين ..
ففي نظري يبقى إصدار الكتاب الورقي هو المصداقية الأكثر لحفظ نصوصك وأعمالك الأدبية ..ولكن لا ننسى أن شبكات التواصل ساعدت على انتشارك لآبعد مدى ..
السؤال 2
كما هو مفهوم وواضح للجميع أن هناك أدوارا أساسية لها الدور الأكبر في نهضة الشعوب كالفكر والأدب والثقافة والفنون بشكل عام وتعمل على تطوير مستوى الوعي والفهم لدى الناس عامة ، فما سبب أخفاق عالمنا العربي في ذلك وأين الخلل من وجهة نظرك كشاعرة وأديبة وفنانة تشكيلية ؟!
ج/ كل ما ذكرته في سؤالك يعمل على النهوض بشعوبنا حينما تكون دولتك حرة غير محتلة وغير مغتصبة وغير مستعمرة وغيرمقيدة إقتصاديا وفكريا وسياسيا وأجتماعيا لأطماع وقوى خارجية مدت أصابعها وأيديها مثل الأخطبوط لتعبث في ممتلكات الوطن ومقدراته وخيراته ،وطالما الأدب والفكروالدين خاضع ومغتصب ومدرج ضمن دائرة الممنوعات فكيف ننهض وكيف نرتقي ونسمو .. الفكر والثقافة يكون لها دور فاعل في السمو والرفعة حينما نكون نحن الشعوب العربية ككل على قدر ووعي كاف من الوعي الفكري والثقافي وندرك لعبة الأبعاد السياسية لكل ما يدور ويحصل حولنا من تآمر ونفاق وتمزيق عرى الأوطان وتقسيمها إلى جزيئات وأقسام تضعفها وتضعف قوتها وتماسكها ..
يجب أن لا يغب عن بالك أننا شعوب تملك الكثير من كنوز الثقافة والمعرفة والفكر العميق والتراث الغني بحضارة أجدادنا وتاريخهم التليد
ولكن بالمقابل ما زلنا نحمل المفاهيم العقيمة والبالية التي ما زالت ترزح في عقول الغالبية العظمى والكثير من المعتقدات الحبلى بالقيود الفولاذية التي لا تكسر إلا بصعوبة بالغة منها قيود دينية وإجتماعية وسياسية وضعها الإستعمار والمحتل الغاشم والحكام الجبابرة الفاسدين اللذين لا يهمهم مصلحة شعوبهم ومواطنيهم بقدر ما تهمهم عروشهم وكراسيهم الصدئة .. فكل هذه المعتقدات والمفاهيم البالية كلما طال تشبثنا بها تبني أسوارا وقيودا بين الفكر والعقل الحر وتمنع تطورنا ونهوضنا الفكري وتكون عاملا قويا في عدم التطور والصعود إلى القمة ، فكما هو مفهوم أن الثقافة ليست نظريات حبرعلى الورق لا يمكن تطبيقها في الواقع ، إنما هي إسلوب حياة برمتها لخدمة المواطن إنها فكر ناضج وجب تطبيقة على الجميع ولكن قبل تطبيقه وتنمية هذه القيم والمبادىء ورعايتها وجب أن نؤمن بالعقول المفكرة من أبناءنا ونؤمن بقوة بالتطوير الفكري والفني وكل ما يهم مصلحة الوطن والمواطنين على حد سواء .. لنكرس جهودنا الفكرية والثقافية والفنية وكل شيء إيجابي من أجل التطوير والنهوض بالأمة .. وقبل أي خطوة نحو التطور والتنمية الثقافية الفكرية وجب أن نؤمن بالحرية الكاملة للشخص سواء حرية فكرية أو سياسية أو اجتماعية أو دينية أو أي شيء يهمنا وجب أن يكون محرر من قيودهم وسلطتهم الفاسدة المسلطة كحد السيف على الرقاب ..
كما أنه واجب على عالمنا العربي التكاتف من أجل محاربة العنصرية والتعصب والطائفية بشتى أشكالها وأنواعها وعدم التمييز بين أفراد المجتمع الواحد في الدين والجنسية وتلغى جميع الواسطات والمحسوبيات وأن تؤمن بالحرية الفكرية والحرية المطلقة للشخص وتعترف بملء الفاه أن المرأة أحد الأعمدة القوية التي تسند خيمة المجتمع مثلها مثل الرجل وأكثر، وعلينا القبول بالنقد وتقبل الرأي الآخر لنفهم ما يجري حولنا من مهاترات وتحديات وتقلبات ونفاق وزييف، فالفكر والعمل الأدبي والفني يدعونا ويدعوا كل إنسان يتلقاه إلى التأمل العميق والتفكير بجدية والعمل بنشاط لنعلم إلى أين نحن سائرون بأقدامنا وهل حققنا أهدافنا من النهوض بأمتنا وشعوبنا .. فلا تحشر نفسك في زجاجة التقاليد والعادات البالية لصعوبة الخروج منها بسلام وآمان.. وأخيرا أهمس في أذنك ككاتبة وفنانة تشكيلية أن المشكلة ليست فينا ككتاب وأدباء وتشكيليين ومفكرين ، إنما في من يضعون أيديهم كالأخطبوط على السلطة لآنها كل همها تأمين مصالحها الشخصية الذاتية قبل تأمين مصالح المواطنين وتمديد أطول فترة ممكنة لجلوسها على كرسي الفساد وكل همها طمس عقول المفكرين وزجهم في سجون الظلام وترحيلهم لخلف الشمس لآنها تخشى من وعيهم وفكرهم المتقد وشعلة الفكر والثقافة لديهم فكبلتهم بأصفاد من حديد وأطاحت بكل العقول المفكرة والثقافة لتحافظ على سلطتها ومصالحها السياسية وكراسي الحديد التي صدئت معها العقول بكل أسف وبقيت الشعوب بفكرها عالقة بين قبضة حكامهم الدكتاتورية التي تجلدهم بسوط السلطة لو لمحت نظراتهم تتصوب نحوهم وبين لقمة عيشهم التي بالكاد تسد رمقهم اليومي فهذا كله يوضح سبب ضعف تأثير الثقافة بشكل عام على عالمنا العربي وشعوبنا المغلوب على أمرها .
السؤال 3
هل توافقينني الرأي من أن الأدب والشعر ممكن أن يضمد الجراح النازفة من أثر الحروب الطاحنة في المنطقة العربية وخاصة فلسطين ّ؟!
ج/ لمجرد تفوهك بحروف فلسطين تنكأين الجراح من غفوتها لو الزمن دملها سطحيا فليس هناك ما يضمد جراحك يا فلسطين ولا الوطن العربي وما حدث له ترك جراح نازفة مليئة بالصديد .. يا أختاه أي أدب وأي شعر سيضمد الجراح النازفة بغزارة .. أنها تاريخنا وحضارتنا وتراثنا وذكرياتنا وبسمتنا وبراءة أطفالنا وشهقة المأذن وسط الريح المسعورة .. أنها نفاق بعضهم وتآمر الآخرين على وجه الطهر والنقاء .. أنها جراح لها صدى عبر التاريخ لا ينقطع ولا يصمت ولو حاولواإسكاتهاا قصدا وقهرا ..
فالأدب والشعر وجميع الفنون ما هي إلا وسيلة سريعة لنقل جراحنا لأبعد مدى وجعلها مفتوحة لا يصلح معها ترميم أو تضميد ..فما عاشه شعبنا الفلسطيني من نكبات وتهجير ونزوح على مدى العقود والسنين الطاحنة مما جعل جميع الجراح تحتل الذاكرة كملامح البيت والذكريات وتفاصيل وجه الأم والجدة وظل التوتة والزيتون وتفاصيل بيتي وفأس جدي .. كلها مثل الجراح تحتلني وتسكنني ولا تفارقني .. فلا أخفي عليك أن الشعر والأدب وجميع الفنون باتت مجروحة تنزف من أطراف ألوانها وريشتها ومحابر أقلامنا الألم وذاك الدم القاني الذي يفوح منه مسك الشهداء ..
همسة صغيرة في أذنك عزيزتي لو الكل تهاون وتناسى جراحه أو حاول تضميدها لفترة من الزمن جفت ويبست كغصن تلك الزيتونة التي أجتثوها من جذورها ورموها على قارعة الطريق .. وسنصبح بعدها عديمي النخوة والشهامة وتجف مشاعرنا وإحساسانا بوطنيتنا وسيضيع تاريخ أجدادنا وتراثهم وحضارتهم وصوت أقصاهم سيختفي مع هبوب الريح ..فلا تنسي أن جراحنا ما زالت تنزف وتسيل منها أسماء شهداءنا وأسرانا القابعون في غياهب السجون .. ما زالت تنزف تاريخا مشرفا مليء بالعز والكرامة لكل المقاومين والمناضلين الشرفاء ..
همسة مرة أخرى في أذنك :
ستبقى جراحنا دون تضميد لآنها الشاهد على نفاق حكومات عربية باعت وتآمرت على ثرانا الطاهر وباعت مقدساتنا وتاجرت بدماء الأبرياء منا وعانقت أعداءنا وجلادنا بدماء باردة .
وكذلك بالنسبة للوطن العربي فهو جزء لا يتجزأ عن جراحنا ومآسينا ومايحصل فيه من قهر وتدمير وتشريد يؤلمنا ويجعل جراحنا تزداد نزفا ووجعا
السؤال 4
ربما معظمنا يلاحظ الأنقسام على الساحة الأدبية الفلسطينية
بشكل واضح بين التيارات السياسية وربما لا علاقة لها بالأدب والشعر
برأيك لماذا نجحت السياسة في صنع فجوة عميقة بين الأدب والأدباء ؟
بينما فشل المفكرون والمثقفون من التأثير على تلك التيارات السياسية ؟
ج/ من وجهة نظري لا أرى أن السياسة بحد ذاتها هي صانعة تلك الفجوة وتلك الهوة بين الأدباء والأدب وإنما إنعدام الحرية والديموقراطية في معظم الوطن العربي هو من أثر على الأدب والأدباء ونتاجهم الفكري ومضمونها القيم والفاعل ليس في فلسطين فقط . مما جعل من خيمة الأدب تتأثر بتلك السياسة المتعصبة الفاسدة ليفقد قدرته على التأثير وتغيير المسار إلى الأفضل ، ولا ننسى أن بعض السياسيون وتعصبهم لما يؤمنون به يحاولون إلغاء ونسف التيارات الأخرى لآنهم بهذا العمل يستغلون مناصبهم لفرض سيطرتهم وسطوتهم الفكرية أخذين بناصية الشعوب إلى خندق واحد مهما كانت النتائج إيجابية أم سلبية .. الهم مصالحهم وما يؤمنون به لا يتأثر ..
فنحن كمجتمع المثقفين والكتاب وجب أن تكون علاقتنا وطيدة بالمجتمع
والواقع الذي نعيشة لآنه لا يمكن عزل الكاتب عن واقعه وما يجري فيه
فالنص الأدبي أوالأدب بشكل عام لا يمكن عزله عن المجتمع، ففي الكثير من الأحيان النص الأدبي يكشف عن وعي وثقافة وفكر الكاتب وعن علاقته القوية بوطنه ومجتمعه وما يدورعلى ساحته من أحداث مؤلمة ..فوجب على الكاتب أو الفنان أن ينقل كل ما يدور بشكل واقعي أدبي فني بجمالياته وسلبياته منطلقا من روؤاه ونظرته هو ومخزونه الأدبي والفكري مسقطا القناع واللثام عن وجه الواقع ليرى الجميع حقيقة الأمر وما يحدث كل يوم من فقد ومآسي ويتم
وقهروتدمير وسفك للدماء دون وجه حق ..
فقط حينما تصبح مصلحة الوطن فوق الأنا الذاتية وتنتهي انتهازية السياسيون لمناصبهم ويشذبون عقولهم ويرتقون بفكرهم ويتوحد الشعب بكل أطيافه على فكر واحد وقلب واحد مدركا لما يحدث حوله ولوطنه ، ويمتلك حريته كاملة غير منقوصة في كل أمور حياته ، ونؤمن بالتغيير الدائم لمن يتولى سدة الحكم ، ونؤمن ونحترم الرأي الآخر ونتقبل النقد بإيجابيته وسلبيته حينها فقط سترين مجتمعا معافى من كل ما ينغص عليه حينها ننجح في التأثير على السياسة ولن تبقى حينها السياسة هي التي تدير حياتنا وتتحكم فينا .. أعز الله الأسلام والمسلمين وحفظ وطننا فلسطين من كل ما ألم به من نعرات وانقسامات مقصودة وغير مقصودة
سؤال 5
برأيك هل استطاع الأدب العربي أن يلعب دور الوسيط ليوحد هذه الصراعات التي كل يوم تنخر جسد الأمة ؟
ج/ للأسف هناك اختلافات كبيرة بين وجهات النظر فبعض كتابنا وأدباءنا يحاولون أن يظهرونها من خلال كتاباتهم ويجسدونها من خلال الواقع ويلمعون الخلافات والصراعات لتبرز للعيان أكثر وضوحا .. فلا أجد توحيد ولا ما يحزنون إنما صراعات واختلافات واضحة وظاهرة للعيان .. وليس معنى ذلك أن الأدب والشعر والآنتاج الفكري أصيب بإنتكاسة أو ضعف وأصبح هشا فهناك انتاج فكري زخم وثقيل بمفهومه ونضجه وهناك إصدارات ومؤلفات جدا قيمة وفيها ما فيها من الإبداع والتألق في الوسط الأدبي في الفترة الأخيرة. ولكن لا ننكر في المقابل أن بعض الكتاب والأدباء قد أصيب بلوثة من الأحباط أو ما يسمى بنكسة فكرية أدبية ربما تأثر بعضنا بسياسة التآمر التي زادت عن حدها والتطبيع من تحت الطاولات في السر والعلن .. ربما كان البعض من مؤيدي التطبيع وهناك لم يتأثر ولم يؤيد التطبيع فمهما كان ستظهر تلك المشاعر والأحاسيس في أعمالهم ومؤلفاتهم القادمة سلبا أو إيجابا ..
ولا ننكر أبدا أن أصحاب المواقف الوطنية الثابتة والشريفة لا تغيرهم رياح التطبيع والأنتكاسات الحاصلة حولهم ولا كثرة الصراعات والتقلبات والأمزجة الغير سوية ولن يستطيع أصحاب المواقف المتخاذلة أن يكسروا الوعي الفكري والثقافي لأصحاب المواقف الوطنية النبيلة والشجاعة مهما حاولوا أن يثنونهم عن رأيهم وكسبهم لصفوف تخاذلهم
السؤال 6
ساحتنا الثقافية العربية بشكل عام تشهد الكثير من الصراع الفكري والأدبي بين أدباءها، وكتابها المبدعين، للأسف أدت إلى إنقسامات كثيرة وخيمة بين الاتحادات، فنفرمنها بعض الأدباء ، فما السبب لكل هذه الصراعات حسب وجهة نظرك هل هي غيرة وحقد وحسد وتلاسن بين الأطراف أم هي أختلاف في وجهات النظر والرأي بشكل عام ؟!
ج/ الصراع والأحقاد قديمة قدم الوجود وليست حديثة ولا تخص عالمنا العربي على وجه الخصوص فأينما وليتي وجهك وجدت أدباء ومثقفين ستجدين الحقد والتكالب على الأفضل ومن يثبت أنه الأجدر بأحقية كذا وكذا من العطايا والتكريمات وغيره من المؤلفات ..
فلو عرجتي قليلا على الشعر القديم لشعراءنا العرب ستجدين قصائدهم مليئة بالسخرية والهجاء والطعن وتمزيق فروة بعضهم البعض بقصد وبدون قصد وربما مدفوع الثمن في بعض الأحيان لهجاء فلان أو مدح فلان من السلاطين وغيره الكثير ..
فالصراعات والمناوشات والمعارك منذ القدم جاءت بشكلها وقالبها الأدبي المعروف للجميع .. ولكنها مع الأسف مع كل عصر وعهد تجدينها تزداد حدة وتتطور مع تطور الزمن وما هي إلا صراعات وتقلبات ناتجة عن أختلافات صغيرة أو كبيرة في وجهات النظرولا سيما مع تعدد الأحزاب السياسية وأنتماءاتهم لها أو بدون ، فمنهم من يبهرها ويضخمها ويزخرفها ،على رأي المثل الشعبي هناك من يصنع من الحبة قبة ..فللأسف أصحاب العقول الضحلة وأصحاب القلوب الآنانية والأنتهازية والأستفزازية التي لا تعرف إلا ذاتها وعشقها لها حولوا الأختلافات البسيطة في وجهات النظر والرأي والفكر إلى صراعات دائمة وربما دامية تنزف حتى انقسموا وتفرقوا تقريبا وقضوا على الجانب الأدبي والفكري في عالمنا العربي .. بسبب تهميشهم لفكر بعضهم وإبداعاتهم التي يشهد لها الجميع فهذا كله يؤدي إلى إنزواء البعض في زاوية وعدم مخالطة الآخرين .. فحينما نحول الإختلافات
إلى خلافات كبيرة ونفرض رأينا على كل من هب ودب نخسر
خسارة كبيرة وبالتالي عالمنا العربي الأدبي هو الخاسر في النهاية من التطور والأرتقاء والسمو والرفعة ..
السؤال 7
كشاعرة وأديبة وكاتبة عربية فلسطينية تختص بتسليط الضوء على جميع قضايا الوطن ، كيف تقيمين الساحة الأدبية اليوم؟ في فلسطين المحتلة وباقي الدول العربية في ظل الظروف الراهنة التي لا تبشر بالخير في بعض الأحيان ؟
ج/ أنا أولا لست بناقدة ولا أقدر أن أنقد أو أشرح بالتفصيل كالناقد المتمرس في مهنته ولكن أقول رأيي في الوضع الراهن بما أراه من وجهة نظري المتواضعة ..
لا أنكر ولا يقدر أحد على الإنكار بأن الساحة العربية والفلسطينية تشهد نشاطا قويا وبارزا في المسيرة الأبداعية المستمرة التي لا تتوقف مهما حصل من تطورات على الساحة من تدمير وقتل وتهجيروقتل لمواهب بأيدي الأحتلال ولكن ربما تأخد منحنى يميل إلى الوطنية والرثاء والحزن أكثر من الرومانسة والوجدانيات .. فالمواقف التي تحصل وتتكرر كل يوم من سفك للدماء البريئة تحرك المشاعر لتلملم جراح المنكوبين .. ولا ننكر أن القضايا الآجتماعية أيضا تحتل حيزا من تفكير الكاتب والأديب والمهتم بالقضايا أمته والمجتمع الذي يعيش فيه بشكل خاص ..
السؤال 8
ككاتبة وأديبة وشاعرة ، كيف تقيمين حركة النقد الأدبي في بلادنا،
العربية ؟ وهل هناك حركة فاعلة حققت الهدف المرجو من النقد؟ وهل تؤمني بكل ما هب ودب وقال أنا ناقد أدبي ومحلل لبعض الأمور ؟!
ج/ أعتقد أن حركة النقد فاعلة وتسير على قدم وساق في خط سيرها المرسوم لها منذ سنوات فبلادنا العربية لا تخلو ساحتها الأدبية من نقاد بارعون مبدعون يقومون بالعمل بجد ونشاط واجتهاد تاركة خلفها النقد الأستعراضي المليء بالمجاملات والمحاباة لبعض الكتاب والشعراء .. لآن النقد وجب أن يكون حياديا من أجل أن يخدم النص والأدب بحد ذاته ويرتقي بالكاتب والشاعر على حد سواء .. أما نقد المحاباه فلا ينفع ويهبط من مستوى الأدب في بلادنا العربية ،وللأسف الساحة الأدبية الآن مليئة بالنقاد بسبب أنتشار شبكات التواصل العنكبوتية وسرعة الوصول والأنتشار .. ولكن الناقد المحترف والمخضرم يعرف من اسلوبه ونقده للنص والناقد الدخيل على الأدب والنقد يعرف من تخبطه وتحليله للنص فرحم الله من عرف قدر نفسه .. وقال أنا هنا أقف عندالخطوط الحمراء وهنا أعلم وهنا لا أعلم ، وبهذا يحفظ ماء وجهه وكرامته
السؤال 9
من هو الكاتب أو الشاعر المفضل/ة والمميز في عالمنا العربي بالنسبة لك وماهي الكتب التي قرأتها وأعجبت بها كثيرا؟ ومن الغرب من تفضلين وقرأتي لهم؟! وهل معظمهم نالوا حظهم من التقدير والجوائز والتكريمات ؟!
ج/ كما هو معروف وبلا شك عالمنا العربي زاخر جدا بالكثير من العقول المفكرة والمبدعة والشعراء المميزين في شتى الأصناف الأدبية والكتابة سواء الشعر والراوية و القصة وباقي الفنون والمسرح .. ومن المعروف ايضا أن الشاعر أو الكاتب لا ينال شهرته بسبب شخصيته فقط وأنما بسبب الموهبة الإبداعية وافكاره الخلاقة ومبادئه وقيمه وجمال افكاره وجديته ومواقفه الثابتة وسعة خياله وقلمه السيال وقدرته على التعبير وإيصال افكاره بكل سهولة ويسر للقراء طبعا بلغة بليغة وجميلة تسلب لب معجبيه وللأسف بالرغم من الجوائز العديدة والتكريمات والتقديرات الأدبية التي تدعم الكتاب والشعراء والأدباء إلا أن معظمهم لم يفوزوا بالتقدير والتكريم اللائق في حياتهم بسبب الواسطات والقفز بالمحسوبيات والعنصرية والتفرقة بينهم ،وبعض الكتاب والشعراء خطفوا قلوبنا وقلوب قراءهم ألا أن حظهم عاثر وهناك من يكتب وينثر ولكن ليس بالمستوى الكافي والمطلوب ليصنف ويفوز ويحظى بالتكريم الأكبر .. ومع ذلك لم يتوقف الكتاب والشعراء عن الكتابة
وملء محابرهم ونثر عبير أقلامهم في كل مكان ..
قرات للروائي السوداني (عبقري الرواية العربية) الطيب صالح ومن اشهررواياته موسم الهجرة إلى الشمال ترجمها للعديدة من اللغات الأجنبية والروائية والكاتبة المصرية رضوى عاشور والدة تميم البرغوثي وشاعر المقاومة الفلسطيني محمود درويش، ولطفي المنفلوطي ، واسيني الأعرج روائي وكاتب جزائري شهير، ترجمت أعماله لأكثر من لغة أجنبية ، جبران خليل جبران .. غسان كنفاني .. نزار قباني .. أحلام مستغانمي / وغادة السمان السورية وللكثير الذي لا حصر لهم كلهم مميزين وكتاباتهم وأعمالهم ما زالت عالقة مخلدة في الذاكرة العربية والأجنبية ..ومن الغرب ماركيز .. جورج أوريل .. وليم شكسبير ..تشارلز ديكنز .. ليو تولستوي... وغيرهم الكثير الكثير لا يتسع لذكرهم جميعا.. ومما سهل على القارىء الآن نشر جميع الكتابات المترجمة وغير المترجمة على النت والشبكات العنكبوتية فكل شيء بات في متناول يدك بيسر وسهولة دون عناء ومشقة ..
السؤال 10 –
ما هي طموحاتُكِ ومشاريعُكِ المستقبلية ؟! وهل يؤثر من حولك على طموحاتك ؟!
ج/ كل كاتب أو شاعر أو أي إنسان عادي له تطلعات شخصية ، وله طموحات وأهداف وجب أن يحققها خلال حياته وهذه الطموحات هي الحافز الذي يدفعه إلى الأمام لإستكمال مسيرة حياته الطويلة أو القصيرة للعيش بأمان وبشكل يليق به ويرضاه لنفسه ويرضي الله به أولا وأخيرا .فكلما كان لك طموح وأهداف في الحياة فأنت تثبت أنك على قيد الحياة وأنك ما زلت قادرعلى العطاء وتقديم الكثير لنفسك ولآسرتك ومجتمعك ومن لا يملك الطموح فهو إنسان فاقد للعطاء والخير ، فالطموح كالنبتة كالوردة تحتاج إلى رعاية مستمرة وجهد وإلا فقدت رونقها وذبلت وماتت .
وربما من حولك يحدون من تحقيق طموحك وأهدافك فالحياة في الغالب ليست سهلة وتقف أمامنا الكثير من العقبات والصعوبات وجب أن نتسلح لها ونكون جاهزين بكل قوانا لنبدد تلك العراقيل سواء كانت بسبب الطبيعة أم من المحيطين بك وجب أن تكسر كل جسور الخيبة والخذلان وقلع الأشواك بهدوء وصبر لتنال وتصل إلى أهدافك وتحقق طموحاتك في الحياة .. ومن طموحاتي بإذن الله سأتابع الكتابة لآنها كالدماء تسري في عروقي، سأتابع نشاطي الثقافي والأدبي وأستمر في لملمة كتاباتي ونشرها دواوين ورقية ..كذلك سأعمل كل جهدي على الإستمراروالمشاركة في المعارض الفنية التشكيلية الألكترونية أو المعارض في الواقع لوكان في مقدوري حضورها ..
السؤال 11
تكتبين للوطن والمقاومة والشهداء والأسرى في سجون الأحتلال فماذا نطلق على هذا النوع من الشعر وما تأثير هذا الأدب على المقاومة والمحتلين وبماذا تكتبين ؟!
ج/ ما نكتبه لشهداءنا الأبرار وأسرانا البواسل الصابرين وغيره من زوايا الوطن نطلق عليه أدب المقاومة ويكون بمثابة السيف المسلول مسلطا على رقاب العدو الغاشم الهمجي اللعين .. كبندقية معبأة مجهزة الزناد في كل لحظة في كل فوهة بندقية رسالة محملة بالكبرياء والكرامة والنخوة والصمود والثبات معلنة أن لا تراجع عن حقنا في مقدساتنا وحق العودة غلى الوطن الغالي فلسطين ..
فأدب المقاومة أصدق وأشرف ما يكتبه الشاعر أو الكاتب لآنه لا زيف فيه ولا نفاق لأن الكاتب ينقل مباشرة مشاعر ثائرة فيها الكثير من الهيجان والثورة تغلي الدماء في عروقها..
ويسمى الشعر الوطني الملتزم المليء بالوطنية والنخوة والأنسانية دائما نجده يتفتق بالكثير من السحر والحزن والهموم والشجن والحنين والرثاء . ولما أدرك العدو الصهيوني قيمة ووزن أدب المقاومة بدأ بإصطياد كل رموز المقاومة فطالت يد الغدر والأغتيال معظمهم أمثال غسان كنفاني و يوسف النجار وكمال ناصر والكثير الكثير من قادة ورموز المقاومة واللذين لهم التأثير على سير المقاومة والثورة لآنهم كمحرك الديناموا لكل ما يدور ويحصل حولهم ..
وحينما أكتب أكتب بدمائي وهيجان الثورة الملتهبة في أعماقي كبركان ثار لتوه في وجه الطغيان كنيران مشتعلة في خطوط الناروضفاف الوطن ،وما زالت ريشتي و قلمي ومحابري تتحرك في الأفاق بجميع الإتجاهات ترسم الجمال وتنقش وشم النخوة والرجولة والشهامة وتسطر للدماء الوفية المسكية ولعيون الوطن القابع هناك ينتظرعودة الغياب والمهاجرين كعودة الطيور المهاجرة. لتنطلق الزغاريد من حنجرة البندقية ويرفرف العلم فوق كل قمة شماء معلنين النصر والتحرير لثرى الوطن والمقدسات ..
السؤال 12
قالوا لا كرامة ولا كبرياء في الحب مارأيك ؟ وكيف نحافظ على كرامتنا من الهدر والضياع ؟! وماذا يعني لك الوفاء ؟!
ج/ الحب والكبرياء والكرامة كلها مشاعر وأحاسيس لا نفصلها عن بعضها البعض تحفظ ماء الوجه والقيمة والقدر ، وحينما تقرع طبول الكرامة والكبرياء في في أعماق روحك وتويجات قلبك تأكد أن كل المشاعر المزيفة التي ستقلل من شأنك وتصغرك ستموت وتفنى في الحال.
لقد كرم الله الإنسان بغض النظرعن الأصل والفصل والأختلافات في الدين والعقيدة وأحسن خلقه وفضله على كثير مما خلق ،فلا يحق لآي من البشر أن يجرد أخاه من كرامته الإنسانية التي جبله الله عليها وما ينطبق على المسلم ينطبق على أهل الرسالات والأديان الأخرى فالكرامة من حق الجميع التمتع بها إنها قمة التكريم والتشريف والرحمة لنا من الله سبحانه وتعالى.
فالكرامة تحفظ ماء وجهك وهي أغلى مايملكه الإنسان وجب علينا أن نفكر بعقلانية وهدوء عند أتخاذ القرارات وخاصة المتعلقة بالعاطفة والحب لآنها تنسينا كرامتنا وتجعلنا ننجرف خلف مشاعر مزيفة تهدر كرامتنا وتقلل من شأننا أمام الأخرين.. فعزة النفس والكرامة تحميك من المهالك وتحفظ قيمتك وقدرك بين الناس. بالآتزان والموازنة بين العقل والفكر والقلب وعدم الإندفاع بالمشاعر بقوة نحافظ على كرامة قلوبنا من التهميش والآنتقاص ونحافظ على العقل من الأستخفاف به، فكما يقال لن تموت لو فشلت وخذلت في الحب ولكن تسقط بقوة وتعيش كالأموات لو خسرت كرامتك . فكيف نحرمها لمن حولنا أو نحرم منها نحن ؟!
أما بالنسبة للوفاء :سبحان الله الوفاء شيء غالي جدا وشيء نادر صعب أن تجده في معظم من حولك من معارف وأصدقاء وجيران وكتاب وأدباء .. وصعب أن تتوقعه من أناس فقدوا المروءة والنخوة والشهامة فهي كلها صفات تكمل الرجولة والوفاء تاجها .. فالوفاء في الوعد والعهد و الحب والفعل والقول ، الوفاء أن تكون نعيم الحياة ونبضها لقلب وثق فيك فنبض وتنفس من أجلك فلا تخذله ولا تنافقه ولا تنقض عهدك معه ولو كلفك ذلك الكثير ..
السؤال 13
كلمة أخيرةٌ نختم بها هذا اللقاء الأدبي والودي والأكثر من رائع تحبي أن توجهينها في نهايةِ اللقاء / وبعض القصائد المحببة إليك ؟؟
ج/ أتمنى من كل قلبي أن تعمَّ المحبَّةُ والتسامح والألفة في عالمنا العربي والسلام ُيرفرف في جميعَ أنحاءِ المعمورة لترتاح القلوب المكلومة والمنكوبة وتعود لديارها كعودة الطيورالمهاجرة إلى أوكارها وأعشاشها كما أتمنى من أعماق قلبي الإبتعاد عن غرس جذور التفرقة والعنصرية والإبتعاد بقدر المستطاع عن التزمت والتعصب العرقي والعقائدي والديني الذي ما زال منذ عقود يفتك بالبشرية بأيدي شياطين الأرض للأسف أيدي عربية غربية أثبتت بالبرهان والدليل القاطع أنها غريبة عن ديننا ومعتقداتنا ومبادئنا وأخلاقنا تنخر جسد هذه الأمة من أجل إضعافها وبثت سموم التفرقة في صفوفها لتشتيت شملها والسيطرة عليها بشكل كلي ..كما أتوجة بالشكر الجزيل إلى مقامكم على إتاحة الفرصة لقول ما في جعبتي وفكري وطرحه على طالوهالنقاش والحوار الودي . بوركت جهودكم ومسعاكم ..
وهنا أشارككم ببعض القصائد التي أحبها:
_______________
حين رحلت *
حين رحلت عنك يا وطن
حاملة طفولتي في جعبتي..
كان ظني أني لن أرى وجهك
بعد ذاك اليوم في أحلامي ..
ولن أرى بسمتك على شفاه فجري
فخاب ظن من ظن ذلك كما خاب ظني ..
فكل يوم وكل لحظة تزورني في أحلامي
وأتجول في حاراتك مع صديقات طفولتي
وأجلس في ظل زيتونة غرسها جدي
وأحتسي قهوتي مع طيف أحبابي
ورفقة حمائم السلام وطيور فجري
بين أحضانها غصن الزيتون الندي
حين رحلت عنك يا وطني كل فكري
أن رياح قسوتهم وغيوم أحقادهم
ستموحك من ذاكرتي
وتذبل شقائق النعمان وتموت على كتفي
لا تفكر في سواد قلوبهم يا وطني
مهما أكفهرت دنياي فأنا أحبك منذ صغري
ولو غطت غيومها سماءك الصافي
سيلمع إسمك كالثريا في سمائي
يا وطن أجدادي وتاريخي وحضارتي
____________
سأبقى وحدي *
لا تستغرب ولاتتعجب سأبقى وحدي
حتى لا يخنقوا الأشواق في صدري
تعطرت بشذى ياسمينك لينموحنيني
وتدثرت بدفىء ربيعك ليزهر لقائي
ببرتقالك في بساتين روحي تحت ظلي
فالذكريات نصبت خيوطها وخالفتني
كالعنكبوت الواهن بين أعمدة صدري
وأيامي باتت تضيع بعدك وكلي يذوي
وأنا أتشوق إليك كتشوق نجومي
لمساهرة القمرفي سماءك والقوافي
لنروي حكاية وطن عزف على أوتاري
عصافيره حلقت بعرق الزيتون في فضائي
فزرعت كحبة قمح مبتسمة في تربة أجدادي
حرائره صنعت فطائر بالزعتر البري
لآطفال جياع بلا مأوى على ضفافي
أمنحني بعض نصائحك يا مهجتي
لآبقى على عهدك ووعدك يا عزوتي
ما الذي أستطيع فعله من أجلك وأجلي
لآخفف عن كاهلك وكاهل أطفالي
وجع المؤامرة النكراء من بني جلدتي
فالسقوط في بحر الهزيمة يؤلمني
سأجعل من عشقي لك خالدا أبدي
قبل أن يسألوني عن أسمك حبيبي
يكفيني أن أشاهد بسمتك كربيعي
على عين الشمس قبيل أصيل ليلي
وأشاهدك قمر في ضحك السواقي
تصول وتجول مع نسمات فجري
وفي أدمع الشتاء تتساقط على قلبي
فينمو ياسمين مقدسي كنعاني
فلا تستغرب يا وطني من وحدتي
فكل يوم حبك يكبروينمو كالجوري
في أعماقي ويتسلق كاللبلاب الدمشقي
إفرح كتبتك على قباب مساجد غربتي
بخط لا تمحوه الأنواء بخط كوفي ذهبي
حاورتها الكاتبة / سعاد السهلي/ 2017