من اقوال رسول الله في رمضان صيام رمضان فريضة وقيامه تطوع
رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا لامته ما يجب عليهم وما يستحب لهم القيام به في هذا الشهر المبارك بدأ ببيان تتويجه بليلة القدر هذا التتويج الذي ينبغي أن يسبقه جد واجتهاد.
يقول (جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعا) فصيام نهار رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بالنسبة لغير ذوي الأعذار من المرضى والمسافرين والعجزة وغير المكلفين.
الصيام فرض توعدت الأحاديث النبوية العديدة من ينتهكه بأنه لا ينفعه صيام الدهر كله ولا يخفي ما في ذلك من عبرة لمن يعتبر. ولأجل ذلك وجب التنبيه والتذكير بالنسبة لمن تسول لهم أنفسهم أن ينتهكوا حرمة الشهر بأكل أو شرب أو إتيان أي مفسد للصوم وهم قادرون على الصيام بأنه لا عذر لهم وأنهم يدخلون تحت طائلة الوعيد الشديد والعقاب الذي لا يستطيعون تحمله إن هؤلاء يحادون الله ورسوله ويتعرضون لغضب الله ولابد أن يذكر بهذا الأمر الأولياء والمربون والموجهون والمرشدون وكل من ولاهم الله أمور المسلمين حتى تبرأ الذمة.
* خصال الخير والفرائض تتضاعف في رمضان:
وقيام ليل رمضان من أفضل أنواع القربات والطاعات ومن أعظم أبواب البر لأنه متمم لصيام الصائم بالنهار فتكون العبادة هي الغالبة على حال المسلم في هذا الشهر، صيام في النهار وقيام بالصلاة والذكر والتسبيح في الليل، أداء للفرائض والسنن والمستحبات، ومن رحمة الله تبارك وتعالى أن كل ذلك يمكن أن يتم في هذا الشهر المبارك إذا ما استعد المسلم لهذا الشهر المبارك أكمل استعداد. ففي هذا الشهر موسم للصيام والقيام والسعي من اجل كسب القوت للنفس والعيال والراحة والاستجمام في الإطار المشروع المباح.
ويمضي رسول الله صلى الله عليه وسلم مبشرا أمته بما اعد الله لها في شهر رمضان المعظم فيقول (من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه) وما أجمله من تعميم ينتفع به القائم به أو غيره وديننا الإسلامي الحنيف يجعل المؤمن به لا يكون مؤمنا حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه. فإدخال المسرة على المؤمن وتفريج كربه وقضاء حاجته وإعانته كل ذلك من خصال الخير. ومن خصال الخير إماطة الأذى من طريق المسلمين. فكل هذه الخصال وغيرها وهي من قبيل التطوع غير الواجب إذا فعلها المسلم في شهر رمضان يكون الثواب عليه كالثواب على الفريضة. أما من يؤدي فريضة فان ثواب تلك الفريضة هو كثواب سبعين فريضة يؤديها المسلم في غير شهر رمضان.
* رمضان شهر الصبر:
ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (هو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة) والصبر قيمة من القيم التي دعا إليها الإسلام وصرحت بها عديد الآيات القرآنية من ذلك ما ورد في سورة العصر حيث قال جل من قائل (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) وبالصبر أمر الله نبيه الكريم حيث قال جل من قائل (واصبر كما صبر أولو العزم من الرسل) وقال (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) فالصبر فضيلة يكتسبها المؤمن بإتيان ما أمره الله والانتهاء عما نهاه الله ولا يخفي ما في الصلاة التي قرنها الله تبارك وتعالى بالصبر و(استعينوا بالصبر والصلاة...) (والصيام نصف الصبر والصبر نصف الإيمان) كما ورد في الحديث الشريف. فرمضان شهر الصبر والثواب على الصبر هو دخول الجنة.
* رمضان شهر المواساة:
ويضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبين خصائص هذا الشهر المبارك فيقول (ورمضان شهر المواساة) والمواساة هي أصل من أصول ديننا الإسلامي الحنيف إذ هي التجسيم الفعلي للأخوة بين المؤمنين التي ورد التأكيد عليها في قوله جل من قائل (إنما المؤمنون إخوة) والمؤمن لا يكون مؤمنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمنين في توادهم وتراحمهم بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى. وفي سبيل تحقيق هذه الغاية فرض الله على المسلمين الزكاة وجعلها أحد أركان الإسلام كما ندبهم إلى البذل والعطاء والإنفاق بسخاء واعدا لمن ينخرط في هذا العمل الصالح بالجزاء الأوفى والأوفر فقد شبهه الله تبارك وتعالى بالحبة التي تنبت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة.
وشهر رمضان شهر التراحم والتواصل وهو شهر المواساة بين المسلمين فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كريما وكان أكرم وما يكون في شهر رمضان وتشبهه كتب السيرة بالريح المرسل.
* في رمضان يزاد في رزق المؤمن:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (وهو شهر يزاد في رزق المؤمن فيه) وهذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إعلام بما وعد به الله تبارك وتعالى من زيادة في رزق المؤمن في شهر رمضان وصدق الله العظيم الذي يقول (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
والصائم في رمضان في سعي جاد للوصول إلى درجة التقوى يقول جل من قائل (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) والزيادة في الرزق لا موجب لتقييدها فهي زيادة مادية ومعنوية والله على كل شيء قدير.
* اجر من فطر صائما:
ويمضي رسول الله صلى الله عليه مفصلا الأجر والثواب الذي أعده الله تبارك وتعالى للمقبل على أوجه البر المختلفة في هذا الشهر المبارك. يقول عليه الصلاة والسلام (من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء). انه لمقابل كبير عظيم الشأن لمن فطر صائما: غفران الذنوب وعتق الرقبة من النار ويضاف إلى ذلك أن يكون له اجر ذلك الصائم.
وتساؤل الصحابة في محله ففي الناس من هو غني وفيهم من هو فقير (ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم) وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يطمئنهم بأن هذا الأجر الكبير يناله (من فطر صائما على ثمرة أو على شربة ماء أو مذقة لبن). يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (وهو شهر أوله رحمة أوسطه مغفرة وآخره عتق من النار) هنا دعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اغتنام هذا الشهر المبارك من أوله إلى آخره فهو موسم تأخذ أجزاؤه برقاب بعضها البعض للوصول للتتويج.
* ثواب التخفيف على الصائم:
ويواصل رسول الله صلى الله عليه وسلم تبشيره للصائم فيعد (من خفف على مملوكه فيه غفر الله له واعتقه من النار) والمملوك اليوم والحمد لله غير موجود وذلك تشوف من الإسلام أعلنه منذ بزوغ فجره. حيث قال عمر بن الخطاب (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) ويمكن أن يدرج في موضع المملوك من يستخدم ويستعمل ويوظف فمن خفف على أحد من هؤلاء في شهر رمضان غفر الله له واعتقه من النار.
* الإكثار في رمضان من الذكر والدعاء:
ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين إلى أن يكثروا من خصال هي من قبيل الذكر والدعاء أما الذكر فهو شهادة أن لا اله إلا الله وهي أفضل ما قاله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأفضل ما قاله الأنبياء من قبله عليهم الصلاة والسلام. والاستغفار هو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداوم عليه حيث قال (إني لاستغفر الله في اليوم مائة مرة). أما الدعاء الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين بأن يكثروا منه فهو سؤال الله الجنة والتعوذ من النار.
ويعود رسول الله صلى الله عليه وسلم في خاتمة هذه الخطبة إلى دعوة المؤمن إلى أن يسقي الصائم عند إفطاره والتنافس في تقديم مثل هذه الخدمة رغبة في حصول الأجر والثواب فمن يفعل ذلك يبشره الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يشرب من عليه السلام شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة.
كل عام والجميع بخير